الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

شيعي سني.... التصنيف الغبي

مما يدعوني في كل يوم للضحك هو عندما اسمع احد يتمادى في كلامه عن احد المسلمين بأنه شيعي أو سني فأتأمل في هذا التصنيف الذي أبتدع لأسباب بالتأكيد ليست لأسباب تؤدي لمصلحة الدين و الوحدة.
المعروف- أو ما يحاول البعض أن يروج له- أن الشيعة هم أتباع الإمام علي عليه السلام, إذا كان هذا تعريف الشيعة فهم بكل تأكيد سنة أيضاً لأن الإمام علي عليه السلام من أتباع سنة محمد صلى الله عليه لذلك يكون كل شيعي حساب هذه التصنيف سني أيضاً واقعاً!!!!
و المعروف- أيضاً أو ما يحاول البعض الترويج له- أن السنة هو أتباع سنة رسول الله صلى الله عليه آله و سلم و خلفائه الأربعة الذي رابعهم هو الإمام علي عليه السلام فيصبح هكذا كل سني شيعي لأنه يتبع فيمن يتبع الإمام علي عليه السلام.
و عليه فأن هذا التصنيف البغيض- شيعي و سني- يسقط أمام المنطق الذي تم التأسيس عليه فهو تصنيف غير حقيقي يحاول التفرقة بين جموع المسلمين لعدة أسباب و لكن في الحقيقة ما أُستخدم لتفرقة المسلمين هو في الواقع من أسباب توحدهم و وحدتهم.
لنتأكد من ذلك يجب علينا الرجوع إلى أهم مرحلة تاريخية في الإسلام ألا و هي الفترة التي تلت وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم ففي هذه المرحلة تشكلت طبيعة العلاقة بين أطراف الإسلام.
فبعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم تشكلت الدولة الإسلامية على نحو وجود قيادة دينية منفصلة و قيادة سياسية منفصلة أيضاً و التاريخ الوسطي يثبت لنا ذلك ففي التفتيش في أغواره يمكن إستقارء بعض المواقف لنعرف ما الذي كان يحدث بالضبط.
ففي حادثة شهيرة قال أبو بكر "لا عشت لمعضلة ليس لها أبا الحسن" إذا حللنا هذا الموقف فما الذي يمكنا أن نفهم.
هذه العبارة لم تقال في الخفاء أو وراء الخيام أو في زقاق ضيق من أزقة مكة فلو كانت كذلك لم يذكرها التاريخ بل خلدها
أولاً أن الإمام علي عليه السلام كان المرجعية الدينية لذلك دُعي إلى مجلس الإمارة و حضر و كانت له مكانته المعتبرة عند القيادة السياسية.
ثانياً إعتراف القيادة السياسية بمكانة الإمام علي عليه السلام و إعلاء مكانته في الدولة الإسلامية.
في الطرف الثاني فإن الإمام علي عليه السلام و في نفس الفترة كان يرسل ولديه الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام في كل الفتوحات التي قادها أبو بكر مما يدل على المشاركة الفعلية في شئون الدولة الإسلامية.

في الفترة التالية و التي أيضاً خلّدها التاريخ فقد قال عمر بن الخطاب عبارته الشهيرة "لولا علي لهلك عمر" و هذه العبارة أيضاً قيلت في مكان عام و مهم و هو مجلس عمر و هو الذي كان الحاكم السياسي في ذلك الوقت و أمام الناس و ما ينطبق على حادثة أبو بكر ينطبق على هذه الحادثة فهي وقعت في جمع يحضره المسلمين لذلك فإنها تدل على تواصل القياديتين الدينية و السياسية
و أيضاً في نفس الفترة و على الجانب الآخر فإن الإمام علي عليه السلام حينما أرادت فئة أن تغتال عمر الخطاب قد قام بتكليف ولديه الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام بالقيام بحراسة بيت الحاكم السياسي!!
مما سبق نستشف أن العلاقة بين القيادتين الدينية و السياسية في تلك الفترة علاقة توافق و تعايش سلمي لعدة أسباب قد نقل التاريخ بعضها و أخفى بعض المستفيدين البعض الآخر و لعل أهمها حقناً لدماء المسلمين و الحفظ على السلم الإجتماعي.
ما حدث بعد هذه الفترة و بالأخص في مرحلة دولة الشجرة الملعونة في القرآن- الدولة الأموية- التي قامت بتحريف كل التاريخ و تغيير كافة ملامحه من أجل مصلحة حكامها و لتثبيت حكمهم الغير الشرعي فبدأ مؤسسها معاوية بن أبي سفيان ببدعة سب الصحابة حيث أمر كافة خطبائه أن يقوموا بسبب الإمام علي عليه السلام على المنابر الإسلامية و بعدها قام بتزييف التاريخ فأعطى هذا المراتب العليا و نزع من ذاك صفاته المعروفة و هكذا من أجل أن يكون التاريخ له سنداً في إرساء حكمه خاصةً أنه لم يكن من المرغوب فيهم بتلك الفترة و من بعدها بدأت ردات الفعل الجيدة و السيئة حتى تم حرف التاريخ و العلاقات بين لأطراف الإسلامية من أجل تغلييب طرف ضد طرف آخر و توالت هذه الأحداث منذ تلك الدولة بدأ النظر إلى المرحلة التاريخية الذهبية يتغيير و بدأت كل من يحكم يقول بإظهار ما يناسبه و يخفي ما لا يتناسب مع مصالحه الشخصية و هكذا حتى إنحرفت طبيعة العلاقات عن ما يجب أن تكون عليه.
إذا كانت هذه طبيعة العلاقة في تلك الفترة الحرجة بين الجناحين الديني و السياسي في تلك الفترة بوجود إمام الشيعة و خلفاء السنة و التي كانت من أدق و أخطر مراحل في التاريخ الإسلامي فأليس من الواجب على كل من يدعي أنه من أنصار أو أتباع أو شيعة أي من هذه الأطراف أن يقوم بالإقتداء بهم؟ أليس هم المثل الأعلى لكل مسلم مهما كان إتجاهه؟؟ أم يحب الغالبية من المسلمين أن يكونوا لعبة و وقود حرب يقودها الأطراف المستفيدة من هذا التصنيف الغبي للمسلمين حتى يتمكنوا من السيطرة و الهيمنة و إلهاء المسلمين و إشغالهم بما لا يفيدهم؟
كل ما يحتاجه المسلمون هو قراءة بعض الأوراق في أي كتاب تاريخي منصف عن هذه المرحلة الذهبية من حياة التاريخ الإسلامي ليتمكن من العيش بسلام مع نفسه و مع أخوانه المسلمين و كفى الله المؤمنين شر القتال