الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

الوحدة العمالية

تتردد الكثير من الشائعات و المغالطات حول أخطار و مضار التعددية النقابية و التمثيل العمالي و لكن المريح للنفس جدا أنها تخرج من فئتين فقط في المجتمع. الأولى هي المستفيدة من عدم وجود أي تعددية نقابية لذا فهي تحارب أي رغبة في التعددية بكل ما أوتيت من قوة مستخدمة  كافة الأساليب المتاحة لها و أحيانا حتى تلجأ لمحاولة تجريب أساليب بعيدة عنها, أما الفئة الأخرى فهي بعيدة كل البعد عن العمل النقابي و لكن-رغم أنها تؤمن بالتعددية في كل شيء- إلا أنها تقف موقف المعادي عندما تكون التعددية متعلقة بالعمل النقابي لعدم علمها بأسراره, و طبعا ذلك لا يمنع من وجود مجموعات طفيلية تتدخل في هذا الشأن و لكن لا داعي للإلتفات لها فهي تتحرك بدواعي المنفعة الشخصية الضيقة.
الأكثر إثارة في هذا الموضوع هو إستخدام العنف اللفظي عند طرح موضوع التعددية النقابية خاصة من أفواه الفئة الأولى المستفيدة من عدم وجود تعددية نقابية فتارة يتم  إطلاق "بعبع" الإنقسام في الجسم العمالي و تارة تخوين من يطالب و يمارس التعددية النقابية و تارة يتم التشهير بمن يمارس التعددية بإستخدام ألفاظ عنيفة مثل"شق الصف" و "تضعيف الحركة العمالية"  بل و حتى تصوير التعددية و كأنها جريمة نكراء بحق المجتمع و الوطن و كلمات أخرى كبيرة و رنانة يراد منها دغدغة  مشاعر جماهير عريضة من أجل التأثير على طريقة إختيارهم للقرار رغم أي متابع بسيط يرى أن نفس هذه الفئة التي تحارب التعددية النقابية تعمل بشدة على إيجاد تعددية في كافة المجالات التي تتصدى لها و لكن لكون العمل النقابي هو مجال نشاطها فهي تحاول أن تبعد التعددية عنه لأسباب عدة ربما أبسطها حتى لا ينكشف المستور المخفي منذ سنين!
المؤكد هو أن أي عمل محتكر  و خاصة عندما يكون هذا الإحتكار لسنوات عديدة و طويلة يؤدي للركود فيه بل و في كثير من الأحيان يصل لدرجة النوم في العسل فلا جديد يخدم العمال الذين هم بالأساس المعنيين بكل هذا الحراك فإذا كان لا يوجد هناك ما يخدمهم فلا داعي للعمل بإسمهم أساساً.
أما الفئة الأخرى التي لا تعرف الكثير عن العمل النقابي و تحارب التعددية فيه, فهي الفئة المعنتية بالشرح بل و الإستفاضة في الشرح حتى تتمكن من فهم مجريات الأمور علها تغير رأيها ما لم يكن هنام مؤثرات أخرى على هذا الرأي.
لا تقتصر الوحدة العمالية على وجود كيان عمالي واحد أو مبنى واحد يضم هذا الكيان فكل هذا مجرد مظاهر خارجية لا تنم بالضرورة عن وجود وحدة عمالية فحتى على الصعيد المجتمعي نجد أفراد من أسر يتشاركون بنفس اللقب و نفس السكن و لكن الخلافات تعصف بهم لدرجة أنهم لا يتبادلون حتى السلام بينهم فهل هذا هو المطلوب من الجسد العمالي أن يتظاهر بالوحدة و كفى؟؟!!
إذا ما نظرنا لمفهوم التعددية النقابية من جانب عمالي فإننا نرى أن للعامل الحق في إختيار الجهة النقابية التي تمثلها و يجب أن يكون له مطلق الحرية في هذا الإختيار لذا فإن الإحتكار و بكل بساطة يحرمه هذا الحق بل و يوجب عليه البقاء تحت تمثيل من لا يتناسب مع آراءه و منطلقاته لذا نرى في كثير من الأحيان و الأماكن عزوف العديد من العمال عن الإنضمام لمؤسسات نقابية لهذا السبب الرئيسي بل في مواقع معينة رأينا أن العمال يهاجمون بكل قوة بعض الكيانات النقابية  لأنهم يعتبرونها لا تستطيع أن تمثلهم و لا أن تعكس واقعهم و متطلباتهم كفئة عاملة.
عندما نستعرض بعض تجارب التعددية النقابية الناجحة كتلك التي في فرنسا أو ألمنيا نجد أن كثير من الإنجازات العمالية المطلبية قد تحقق بوجود هذه التعددية التي رأت أن التكامل بينها هي أفضل وسيلة لخدمة الطبقة العاملة التي لولاها لما تشكلت أساساً أياً من الكيانات النقابية, و هذا هو الأصل في العمل النقابي و هو مد جسور التعاون من أجل الوصول للأهداف المشتركة التي لا يختلف أي نظام أساسي لأي منظمة نقابية عليها بل و في أحيان كثيرة تتماثل في النص حرفاً. فكسر الإحتكار في أي مجال كان يؤدي إلى التنافس بين الجميع من أجل الوصول لأفضل الخدمات المقدمة للفئة المعنية و التي بطيبعة الحال هنا هي العمال, فلماذا يستكثر البعض على العمال الحصول على تعددية تقدم لهم أفضل الخدمات الممكنة أم لكونهم عمال تحاول فئات أخرى إتخاذ القرار نيابةً عنهم؟؟!!
السؤال الأهم بالنسبة لي هل التعددية النقابية ستخدم الطبقة العاملة؟!!
المتتبع للحركة العمالية يجد أنها بوجود التعددية النقابية ستجد من ترى أنه يستطيع أن يمثله خير تمثيل و يعكس آراءه و توجهاته و يمكنه العمل على تحقيق طموحاته و آماله. أما من جانب آخر فإن التعددية النقابية تسمح بالتنافس بين التشكيلات النقابية يؤدي لتقديم خدمات أفضل للعمال و في ذلك حال المنظمات النقابية كحال المؤسسات الخدمية الأخرى و التي تكون التعددية هي الحافز الأفضل في هذا المجال. كما أن التعددية النقابية تستوجب من أصحاب العمل على رفع سقف المميزات للعمال للتوفيق بين مطالبات كافة التشكيلات العمالية. و الأهم من ذلك هو تفهم كافة الكيانات و التشكيلات النقابية و العمالية أن التكليف يستدعي التكامل العمالي الذي لا يتحقق بإحتكار نقابي إنما يتحقق بالعمل على الوصول للإهداف المشتركة بين كافة االتنظيمات العمالية و عدم تضييع الوقت في نقاشات عقيمة لا تخدم الطبقة و الحركة العمالية فهذه هي الوحدة العمالية الحقيقة التي يتمناها كافة العمال.


  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق